فصل: قال الصابوني:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم




.سورة المرسلات:

.فصول مهمة تتعلق بالسورة الكريمة:

.فصل في فضل السورة الكريمة:

قال مجد الدين الفيروزابادي:
فضل السّورة:
فيه حديثان ضعيفان: «مَنْ قرأها كُتب له أَنَّه ليس من المشركين».
وحديث علي: «يا علي مَنْ قرأها أَظلَّه الله في ظلّ عرشه مع الصّدّيقين والشُّهداءِ، وكَتَبَ الله له بكلّ آية قرأها أَلفَ حسنة». اهـ.

.فصل في مقصود السورة الكريمة:

.قال البقاعي:

سورة المرسلات وتسمى العرف، مقصودها الدلالة على آخر الإنسان من إثابة الشاكرين بالنعيم، وإصابة الكافرين بعذاب الجحيم، في يوم الفصل بعد جمع الأجساد وإحياء العباد بعد طي هذا الوجود وتغيير العالم المعهود بما له سبحانه من القدرة على إنبات النبات وإنشاء الأقوات وإنزال العلوم وإيساع الفهوم لأحياء الأرواح وإسعاد الأشباح بأسباب خفية وعلل مرئية وغير مرئية، وتطوير الإنسان في أطوار الأسنان، وإيداع الإيمان فيما يرضى من الأبدان، وإيجاد الكفران في أهل الخيبة والخسران، مع اشتراك الكل في أساليب هذا القرآن، الذي عجز الإنس والجان، عن الإتيان بمثل آية منه على كثرتهم وتطاول الزمان، واسمها المرسلات وكذا العرف واضح الدلالة على ذلك لمن تدبر الأقسام، وتذكر ما دلت عليه من معاني الكلام. اهـ.

.قال مجد الدين الفيروزابادي:

.بصِيرة في: {والمرسلات}:

السّورة مكِّيّة.
وآياتها خمسون.
وكلماتها مائة وإِحدى وثمانون.
وحروفها ثمانمائة وستَّة عشر.
مجموع فواصل آياتها (عبرتم لنا) على اللاَّم الفَصْل في الموضعين، وعلى الرّاءِ القصْر، وصُفْر، وعلى الباءِ {ذِي ثَلاَثِ شُعَبٍ}، و{... للَّهَبِ}.
سمّيت سورة المرسلات؛ لمفتتحها.

.معظم مقصود السّورة:

القَسَم بوقوع القيامة، والخبرُ عن إِهلاك القرون، الماضية، والمِنَّة على الخلائق بإِيجادهم في الابتداء، وإِدخال الأَجانب في النَار، وصعوبة عقوبة الحقِّ إِيّاهم، وأَنواع كرامة المؤمنين في الجنَّة، والشكاية عن الكفَّار بإِعراضهم عن القرآن في قوله: {فَبِأَيِّ حديث بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ}.

.فصل في متشابهات السورة الكريمة:

قال مجد الدين الفيروزابادي:
متشابه سورة المرسلات:
قوله: {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ} مكرّر عشر مرات: لأَن كل واحدة منها ذكرت عقيب آية غير الأُولى، فلا يكون تكرارها مستهجَنا.
ولو لم يكرّر كان متوعّدا على بعض دون بعض.
وقيل: إن من عادة العرب التكرار والإطناب؛ كما من عادتهم الاقتصار والإِجاز.
وبسط الكلام في الترغيب والترهيب أَدعَى إِلى إِدراك البغية من الإِيجاز.

.فصل في التعريف بالسورة الكريمة:

.قال ابن عاشور:

سورة المرسلات:
لم ترد لها تسمية صريحة عن النبي صلى الله عليه وسلم بأن يُضَافَ لفظ سورة إلى جُمْلتها الأولى.
وسُميت في عهد الصحابة {سورةَ والمُرْسَلات عُرْفاً} ففي حديث عبد الله بن مسعود في الصحيحين قال: «بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غارٍ بمنًى إذ نزلت عليه سورة والمرسلات عُرفاً فإنه ليتلوها وإني لأتلقاها من فيه وإن فاه لَرَطْبٌ بها إذْ خَرجت علينا حية» الحديث.
وفي الصحيح عن ابن عباس قال: قرأت سورة {والمرسلات عرفاً} فسمعتني أم الفضل (امرأةُ العباس) فبكَت وقالت: بُنَيَّ أذكرتني بقراءتك هذه السورة إنها لآخرُ ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها في صلاة المغرب.
وسميت (سورة المرسلات)، روى أبو داود عن ابن مسعود «كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ النظائر السورتين في ركعة الرحمن والنجم في ركعة، واقتربت والحاقةُ في ركعة» ثم قال: «وعَم يتساءلون والمرسلات في ركعة» فجعل هذه الألفاظ بدلاً من قوله السورتين وسماها المرسلات بدون واو القَسَم لأن الواو التي في كلامه واو العطف مثل أخواتها في كلامه.
واشتهرت في المصاحف باسم (المرسلات) وكذلك في التفاسير وفي (صحيح البخاري).
وذكر الخفاجي وسعدُ الله الشهير بسعدي في (حاشيتيهما) على البيضاوي أنها تسمى (سورة العُرْف) ولم يسْنداه، ولم يذكرها صاحب (الإِتقان) في عداد السور ذات أكثرَ من اسم.
وفي (الإِتقان) عن (كتاب ابن الضريس) عن ابن عباس في عدّ السور التي نزلت بمكة فذكرها باسم المرسلات. وفيه عن (دلائل النبوة) للبيهقي عن عكرمة والحسن في عدّ السور التي نزلت بمكة فذكرها باسم المرسلات.
وهي مكية عند جمهور المفسرين من السلف، وذلك ظاهر حديث ابن مسعود المذكور آنفاً، وهو يقتضي أنها من أوائل سور القرآن نزولاً لأنها نزلت والنبي صلى الله عليه وسلم مختفٍ في غار بمِنى مع بعض أصحابه.
وعن ابن عباس وقتادة: أن آية {وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون} (المرسلات: 48) مدنية نزلت في المنافقين، ومحمل ذلك أنه تأويل ممن رواه عنه نظراً إلى أن الكفار الصرحاء لا يؤمرون بالصلاة، وليس في ذلك حجة لكون الآية مدنية فإن الضمير في قوله: {وإذا قيل لهم} (المرسلات: 48) وارد على طريقة الضمائر قبله وكلها عائدة إلى الكفار وهم المشركون. ومعنى {قيل لهم اركعوا}: كناية عن أن يقال لهُم: أسْلِموا. ونظيره قوله تعالى: {وقد كانوا يُدْعَون إلى السجود وهم سالمون} (القلم: 43) فهي في المشركين وقوله: {قالوا لم نك من المصلين} إلى قوله: {وكنّا نكذب بيوم الدين} (المدثر: 43 46).
وعن مقاتل نزلت {وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون} في شأن وفْد ثقيفٍ حين أسلموا بعد غزوة هوازن وأتَوا المدينة فأمرهم النبي بالصلاة فقالوا: لا نُجَبِّي فإنها مسبَّة علينا. فقال لهم: لا خير في دين ليس فيه ركوع وسجود.
وهذا أيضاً أضعف، وإذا صحّ ذلك فإنما أراد مقاتل أن النبي قرأ عليهم الآية.
وهي السورة الثالثة والثلاثون في عداد ترتيب نزول السور عند جابر بن زيد.
واتفق العادون على عد آيها خمسين.
أغراضها:
اشتملت على الاستدلال على وقوع البعث عقب فناء الدنيا ووصف بعض أشراط ذلك.
والاستدلال على إمكان إعادة الخلق بما سبق من خلق الإنسان وخلق الأرض.
ووعيد منكريه بعذاب الآخرة ووصف أهواله.
والتعريض بعذاب لهم في الدنيا كما استُؤصلت أمم مكذبة من قبل. ومقابلة ذلك بجزاء الكرامة للمؤمنين.
وإعادة الدعوة إلى الإِسلام والتصديق بالقرآن لظهور دلائله. اهـ.

.قال سيد قطب:

التعريف بسورة المرسلات:
هذه السورة حادة الملامح، عنيفة المشاهد، شديدة الإيقاع، كأنها سياط لاذعة من نار. وهي تقف القلب وقفة المحاكمة الرهيبة، حيث يواجه بسيل من الاستفهامات والاستنكارات والتهديدات، تنفذ إليه كالسهام المسنونة!
وتعرض السورة من مشاهد الدنيا والآخرة، وحقائق الكون والنفس، ومناظر الهول والعذاب ما تعرض. وعقب كل معرض ومشهد تلفح القلب المذنب لفحة كأنها من نار: {ويل يومئذ للمكذبين}!
ويتكرر هذا التعقيب عشر مرات في السورة. وهو لازمة الإيقاع فيها. وهو أنسب تعقيب لملامحها الحادة، ومشاهدها العنيفة، وإيقاعها الشديد.
وهذه اللازمة تذكرنا باللازمة المكررة في سورة (الرحمن) عقب عرض كل نعمة من نعم الله على العباد: {فبأي آلاء ربكما تكذبان}.. كما تذكرنا باللازمة المكررة في سورة (القمر) عقب كل حلقة من حلقات العذاب: {فكيف كان عذابي ونذر}.. وتكرارها هنا على هذا النحو يعطي السورة سمة خاصة، وطعما مميزا.. حادا..
وتتوالى مقاطع السورة وفواصلها قصيرة سريعة عنيفة، متعددة القوافي. كل مقطع بقافية. ويعود السياق أحيانا إلى بعض القوافي مرة بعد مرة. ويتلقى الحس هذه المقاطع والفواصل والقوافي بلذعها الخاص، وعنفها الخاص. واحدة إثر واحدة. وما يكاد يفيق من إيقاع حتى يعاجله إيقاع آخر، بنفس العنف وبنفس الشدة.
ومنذ بداية السورة والجو عاصف ثائر بمشهد الرياح أو الملائكة: {والمرسلات عرفا فالعاصفات عصفا والناشرات نشرا فالفارقات فرقا فالملقيات ذكرا عذرا أو نذرا}.. وهو افتتاح يلتئم مع جو السورة وظلها تمام الالتئام.
وللقرآن في هذا الباب طريقة خاصة في اختيار إطار للمشاهد في بعض السور من لون هذه المشاهد وقوتها.. وهذا نموذج منها، كما اختار إطارا من الضحى والليل إذا سجى لمشاهد الرعاية والحنان والإيواء في (سورة الضحى) وإطارا من العاديات الضابحة الصاخبة المثيرة للغبار لمشاهد بعثرة القبور وتحصيل ما في الصدور في سورة (والعاديات).. وغيرها كثير.
وكل مقطع من مقاطع السورة العشرة بعد هذا المطلع، يمثل جولة أو رحلة في عالم، تتحول السورة معه إلى مساحات عريضة من التأملات والمشاعر والخواطر والتأثرات والاستجابات.. أعرض بكثير جدا من مساحة العبارات والكلمات، وكأنما هذه سهام تشير إلى عوالم شتى!
والجولة الأولى تقع في مشاهد يوم الفصل. وهي تصور الانقلابات الكونية الهائلة في السماء والأرض، وهي الموعد الذي تنتهي إليه الرسل بحسابها مع البشر: {فإذا النجوم طمست وإذا السماء فرجت وإذا الجبال نسفت وإذا الرسل أقتت لأي يوم أجلت ليوم الفصل وما أدراك ما يوم الفصل ويل يومئذ للمكذبين}.
والجولة الثانية مع مصارع الغابرين، وما تشير إليه من سنن الله في المكذبين: {ألم نهلك الأولين ثم نتبعهم الآخرين كذلك نفعل بالمجرمين ويل يومئذ للمكذبين}..
والجولة الثالثة مع النشأة الأولى وما توحي به من تقدير وتدبير: {ألم نخلقكم من ماء مهين فجعلناه في قرار مكين إلى قدر معلوم فقدرنا فنعم القادرون ويل يومئذ للمكذبين}..
والجولة الرابعة في الأرض التي تضم أبناءها إليها أحياء وأمواتا، وقد جهزت لهم بالاستقرار والماء المحيي: {ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا وجعلنا فيها رواسي شامخات وأسقيناكم ماء فراتا ويل يومئذ للمكذبين}..
والجولة الخامسة مع المكذبين وما يلقونه يوم الفصل من عذاب وتأنيب: {انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب لا ظليل ولا يغني من اللهب إنها ترمي بشرر كالقصر كأنه جمالة صفر ويل يومئذ للمكذبين}..
والجولة السادسة والسابعة استطراد مع موقف المكذبين، ومزيد من التأنيب والترذيل: {هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون ويل يومئذ للمكذبين هذا يوم الفصل جمعناكم والأولين فإن كان لكم كيد فكيدون ويل يومئذ للمكذبين}..
والجولة الثامنة مع المتقين، وما أعد لهم من نعيم: {إن المتقين في ظلال وعيون وفواكه مما يشتهون كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون إنا كذلك نجزي المحسنين ويل يومئذ للمكذبين}..
والجولة التاسعة خطفة سريعة مع المكذبين في موقف التأنيب: {كلوا وتمتعوا قليلا إنكم مجرمون ويل يومئذ للمكذبين}..
والجولة العاشرة خطفة سريعة مع المكذبين في موقف التكذيب: {وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون ويل يومئذ للمكذبين}.
والخاتمة بعد هذه الجولات والاستعراضات والوخزات والإيقاعات: {فبأي حديث بعده يؤمنون}..
وهكذا يمضي القلب مع سياق السورة السريع، وكأنه يلهث مع إيقاعها وصورها ومشاهدها. فأما الحقائق الموضوعية في السورة فقد تكرر ورودها في سور القرآن- والمكية منها بوجه خاص- ولكن الحقائق القرآنية تعرض من جوانب متعددة، وفي أضواء متعددة، وبطعوم ومذاقات متعددة، وفق الحالات النفسية التي تواجهها، ووفق مداخل القلوب وأحوال النفوس التي يعلمها منزل هذا القرآن على رسوله، فتبدو في كل حالةجديدة، لأنها تستجيش في النفس استجابات جديدة.
وفي هذه السورة جدة في مشاهد جهنم. وجدة في مواجهة المكذبين بهذه المشاهد. كما أن هناك جدة في أسلوب العرض والخطاب كله. ومن ثم تبرز شخصية خاصة للسورة. حادة الملامح. لاذعة المذاق. لاهثة الإيقاع!. اهـ.

.قال الصابوني:

سورة المرسلات:
مكية.
وآياتها خمسون آية.
بين يدي السورة:
* سورة المرسلات مكية، وهي كسائر السور المكية تعالج أمور العقيدة، وتبحث عن شؤون الآخرة، ودلائل القدرة والوحدانية، وسائر الأمور الغيبية.
* ابتدات السورة الكريمة بالقسم بأنواع الملائكة، المكلفين بتدبير شؤون الكون، على أن القيامة حق، وأن العذاب والهلاك واقع على الكافرين {والمرسلات عرفا فالعاصفات عصفا والناشرات نشرا فالفارقات فرقا فالملقيات ذكرا عذرا أو نذرا إنما توعدون لواقع} الآيات.
* ثم تحدثت عن وقت ذلك العذاب الذي وعد به المجرمون {فإذا النجوم طمست وإذا السماء فرجت وإذا الجبال نسف وإذا الرسل أقتت لأي يوم أجلت ليوم الفصل وما أدراك ما يوم الفصل}.
* وتناولت السورة بعد ذلك دلائل قدرة الله الباهرة، على إعادة الإنسان بعد الموت، وإحيائه بعد الفناء {ويل يومئذ للمكذبين ألم نهلك الأولين ثم نتبعهم الأخرين كذلك نفعل بالمجرمين ويل يومئذ للمكذبين ألم نخلقكم من ماء مهين} الآيات.
* ثم تحدثت عن مآل المجرمين في الآخرة، وما يلقون فيه من نكال وعقاب {ويل يومئذ للمكذبين انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب لا ظليل ولا يغني من اللهب إنها ترمى بشرر كالقصر كأنه جمالت صفر}. الآيات.
* وبعد الحديث عن المجرمين، تحدثت السورة عن المؤمنين المتقين، وذكرت ما أعده الله تعالى لهم من أنواع النعيم والإكرام {إن المتقين في ظلال وعيون وفواكه مما يشتهون كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون إنا كذلك نجزي المحسنين} الآيات.
* وختمت السورة الكريمة ببيان سبب امتناع الكفار، عن عبادة الله الواحد القهار، وهو الطغيان والإجرام {ويل يومئذ للمكذبين كلوا وتمتعوا قليلا إنكم مجرمون ويل يومئذ للمكذبين وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون ويل يومئذ للمكذبين فبأي حديث بعده يؤمنون} وإنه لوعيد وتهديد شديد، ترتجف له القلوب، وتفزع منه الألباب!. اهـ.